التحول الرقمي · العمل عن بعد

60 يوم من العمل عن بعد: ماذا تغير؟

عندما سئل الرئيس التنفيذي ليونيلفر عن رأيه بالعمل عن بعد؟ أجاب بأنه سهل للغاية! هل تصف تجربتك هكذا؟

مر شهران على بداية التحول الجماعي للعمل عن بعد، مثّل الشهران الماضيان اختبار تحمل قاسي لكل مايتعلق بالعمل عن بعد: من شبكات الانترنت والشبكات الخاصة وحتى أنظمة الشركات الإدارية،  لذا ربما حان الوقت لنسأل: ماذا تغير؟ وربما الأهم: ماذا غير بنا العمل عن بعد؟ 

الثقة قبل كل شيء

كانت النصائح حول العمل عن بعد تركز على الأدوات المستخدمة وسياسات الشركة باستخدامها ولكن هذه التجربة المكثفة أثبتت أن العامل الأهم في نجاح تجربة العمل عن بعد هو وجود ثقافة الثقة المتبادلة، دون هذه الثقة لا يوجد حل أو التفاف لإنجاح التجربة فالتقنية لن تحل المشاكل الإدارية.

قراءة المزيد:

ليس إجازة مغلّفة 

هذه التجربة أيضا ألغت النظرة النمطية عن العمل عن بعد بأنه إجازة مغلفة، ربما لأن تجربة العمل عن بعد أثناء الحجر الصحي تجربة مصاحبة لمهام رعاية الأطفال أو التعايش في مساحة محدودة لوقت طويل.

أضف إلى ذلك، سبب غياب التنقل اليومي إلى المكتب صعوبات بالانتقال إلى جو العمل ومن ثم العودة إلى جو البيت، خاصة وأن المسافة بين السرير والمكتب قد لا تتجاوز خطوات معدودة، فكيف نعوض هذا الفاصل الذهني الذي أعتدنا عليه بشكل غير محسوس؟ السر في بناء روتين شخصي ولو كان بسيطًا: الاستحمام و أرتداء ملابس العمل أو الخروج للمشي ل ١٥ دقيقة أو تخصيص غرف مختلفة لكل “نمط”… روتني الشخصي: تشغيل قائمة موسيقية جهزتها خصيصًا كإشارة لبداية فترة العمل.

اتيكيت الاجتماعات عن بعد

استخدام الشركات لخدمات الاتصال المرئي لعقد الاجتماعات ليس جديدا… ولكن الجديد ظهور “اتكيت الاجتماع عن بعد”:

  • أكتم الصوت افتراضا
  • أطفئ الكاميرا مباشرة إذا ضعف اتصالك.
  • إذا كنت تدير الاجتماع: أمنح الحضور فرصة أطول من العادة للحديث، فربما كان الصوت متأخراً لدى البعض.
  • لا بأس بظهور الأطفال في الاجتماعات العادية أو الدورية، الأمر يختلف عند تقديم العروض.
  • لا بأس بشرب الماء أو القهوة ولكن أطفئ الكاميرا وأنت تأكل.
  • لا تظهر المناظر الرائعة من خلفك طالما لم يكن من تعمل معهم محظوظين مثلك.

وأتصور أن القائمة راح تتوسع.

 

ماذا غير بنا العمل عن بعد؟

يبدو أن الأثر الذي أحدثه التحول الجماعي للعمل عن بعد ولفترة ممتدة – حتى الآن شهران مع توقعات لاستمرارها طوال الصيف على أقل تقدير – هو إجبارنا على أعادة التفكير في مسلمات سابقة:

إعادة تعريف معنى التواصل

في حين أن العمل عن بعد يصعب من التواصل بين الفريق إلا أنه يضع الجميع على نفس المسافة، وهذا ما أثبت أهميته للفرق الكبيرة، فالتواصل أخيرا تجاوز حاجز المكان، ماقد تحدثه هذه التجربة هو التحول إلى التواصل المكتوب أولاً ثم الشفهي ثانيا، والتشديد على استخدام قنوات التواصل العامة بدلا من حكر المعلومات في الإيميل أو محادثات مغلقة، وهذه كلها أخبار إيجابية لضمان شفافية المعلومات داخل الشركة.

إعادة تقيم جدوى التنقل اليومي

الحضور للمكتب عبء ورثته الشركات واستمرت عليه، العديد من المهام والأعمال وحتى الزيارة الأولية للطبيب أثبتت أنها ممكنة وجاهزة للتنفيذ عن بعد، بل أثبت العمل من المنزل على قدرته على رفع إنتاجية الموظفين، كما أن تضيع ساعتين يوميا يمكن أن تستبدل بتعزيز جودة حياة الموظف أو حتى بساعات عمل أطول  وهذا لن يختفي مع انتهاء دواعي الحجر الصحي، لذا قد تصبح العمل الجزئي من البيت أحدى المميزات التي تسعى الشركات جذب الموظفين بها في المستقبل القريب.

 

سؤال: ماهو الغرض من المكتب أصلاً؟

تحولت المكاتب من مسلمة أساسية لتنفيذ المهام إلى أولى الخيارات التي يدرس الرؤساء التنفيذيون حول العالم الاستغناء عنها، وهذا يعني تحقق التنبؤات عن مستقبل المساحات المكتبية الهائلة:

من المحتمل أن تتحول فكرة “المكتب” في المستقبل إلى فكرة تقليدية مكلفة… سينتقل العمل إلى مراكز عمل مجتمعية مشتركة بدعم من تقنيات الهولوجرام والاجتماعات الافتراضية، سيكون هذا هو الطبيعي حيث سيتعلم المدراء مهارات إدارة موظفيهم عن بعد
من كتاب: حياة المئة عام

المكتب ليس المكان الأنسب للتركيز على مهام معقدة، كما أنه لا معنى للحضور للمكتب لأجل الرد على الإيميل، ولا هو المكان الأمثل لتنمية الروابط الاجتماعية بين أعضاء الفريق، ولكن يبقى للمكتب دور هام في احتضان  جلسات العمل المركزة ، كالعمل على مراجعة تصميم مشروع أو النسخة المقترحة لحملة تسويقية جديدة، فالتقنية لم تصل بعد إلى مستوى تفاعلي قادر على استبدال هذه الجلسات الفعالة.

خاتمة

خلال شهران دخل العمل عن بعد على حياتنا ويبدو أنه ينوي البقاء بها، وإن لم يكن بشكل كامل فسيكون بشكل جزئي لأيام من الأسبوع أو الشهر، التحول الجماعي للعمل عن بعد فتح المجال لتجربة أساليب تواصل لم تكن لتأخذ حقها الكامل دون تحول لكامل أعضاء الفريق، فلسنوات طويلة كانت مشكلة الفرق المختلطة – جزء في الفريق يعمل في المكتب وآخرين عن بعد-  مشكلة مؤرقة لأن المعلومات لا تصل للجميع بنفس الطريقة، ولكن يجب أن لا ننسى أن هذه التجربة حتى مع صعوبتها فهي لم تكتمل بعد؛ فالناس لا تصطحب أبنائها كل يوم إلى المكتب.