تعريفات
نموذج العمل: الطريقة التي تتبعها الشركة لتوليد الإيرادات من منتجاتها أو خدماتها.
صانع المحتوى: الفرد أو الجهة التي تقوم بانتاج المواد الإعلامية والترفية والإرشادية بكافة أشكالها: المقروءة والمسموعة والمرئية والتفاعلية.
إنترنت الأشياء: فضاء الإنترنت المخصص للتواصل ونقل البيانات بين الأجهزة الذكية المتصلة بالشبكة، مثل كاميرات وأجهزة المراقبة والسيارات الذكية و الأجهزة المنزلية.
الأجهزة الملبوسة: الأجهزة الذكية التي تتطلب الإرتداء من قبل المستخدم ليستطيع الاستفادة منها، مثل الساعات والنظارات الذكية.
مقدمة
ونحن في عام ٢٠٠٠ إذا رغب أحدنا بمشاهدة فلم جديد فعلية أن يذهب بنفسه ليشتريه إما بنسخة الفيديو أو الدي في دي.. في عام ٢٠٢٠ كل ما علينا فعله هو أن نبحث عن خدمة بث تعرض الفلم، التغير كما نتذكر لم يكن سلسلاً ؛ فشركات الإنتاج تجاهلت رغبة العملاء الواضحة للحصول على نسخ رقمية وتركت المجال مفتوح على مصراعيه للقرصنة بأشكالها: تحميل مباشر أو تورنت أو من خلال البث عبر الانترنت.. بعد مايزيد عن العقدين من الزمن دخلت شركات الإنتاج بنفسها لتتنافس على حصة من سوق البث الترفيهي، فعلى سبيل المثال: استديو بحجم وعراقة ديزني لم يمتلك منصة بث خاصة بها (ديزني بلس) إلا في نوفمبر ٢٠١٩!
تكررت نفس القصة لمطوري البرامج و منتجي الألعاب والأغاني والكتب، ما هو العامل المشترك؟ الانترنت!
الإنترنت
بدأ الإنترنت بداية مخيبه للآمال، فلا الانتشار ولا سرعة الاتصال ولا نوعية الأجهزة المطلوبة كانوا في وضع يسمح له بأن يواكب التوقعات التي فُرضت عليه، ثم انفجرت فقاعة الإنترنت ،ثم أظهرت الفيروسات مدى ضعف أنظمة التشغيل و سهولة اختراقها!
أثبت الإنترنت أنه كأي تغير طبيعي: بداية ونمو تدريجي، لا يوجد تاريخ إطلاق أو موعد ما يفصل ما بين قبل و بعد! تطلب تطور كل جزء نعرفه الآن من منظومة الإنترنت لسنوات من العمل والتطوير، الكثير من التطورات الصغيرة و البطيئة والتي بلا شك مرت علينا دون انتباه أو ملاحظة، هنا نظرة على الطرق التي أثر بها الإنترنت على طريقة استخدامنا للمنتجات وعلى طريقة تقديم هذه الخدمات لنا:
١) الإعلانات
ساهم الإنترنت في تثبيت فكرة العمل للحصول على نسبة من عوائد الإعلانات، نجد أن أكبر العاملين بهذا النموذج هم صناع المحتوى، في البداية من خلال انتقال وسائل المحتوى التقليدية كالإعلام والصحافة والكتاب – بعضهم أسرع من الآخر – الي الفضاء الجديد: المدونات و المواقع و المجلات الرقمية و قنوات اليوتيوب، ولكن مع الوقت استُحدثت أنواع جديدة من المحتوى، لها طابع أكثر شخصية مما تعودنا عليه من قبل: بث يوميات (لايف بلوقر)، بث الألعاب ( ستريمر)، ألعاب الجوال، بث خبرات أو نصائح أو مراجعات بأي مجال كان، لذا تحول الإنترنت إلى مكان مليء بالمعلومات والخبرات التي لا يستطيع أي شخص المجازفة بتجاهلها!
من الملاحظ أن التوجه خلال السنوات الماضية آخذ بالابتعاد عن الاعتماد الأساسي عن نموذج الإعلانات إلى نماذج آخرى تعطي الشركات قدرة على التنبؤ بالإيرادات وبالتالي تكون في وضع أكثر استقراراً.
٢) المنتج كخدمة
اشتهر هذا النموذج في البداية ب “البرامج كخدمة” (Software As a Service – SaaS) ومن خلاله تغيرت طريقة بيع برامج الكمبيوتر من سعر مقطوع يدفع عند الشراء إلى رسم اشتراك شهري ثابت أو حسب الاستخدام يمثل استئجار البرنامج لفترة محددة و عدد محدد من المستخدمين، ولكن سرعان ماتبنت صناعات آخرى نفس النموذج وخاصة صناعات المحتوى الترفيهي (منتجو الأفلام و الأغاني والألعاب) فالمستخدم لا يمتلك المنتج بل يحصل على حق استخدامه أو استهلاكه لفتره محددة.
أثبت نموذج “المنتج كخدمة” فعاليته ضد القرصنة، فسعر الاشتراك لحق استخدام الخدمة ضئيل مقارنة بالمبلغ المقطوع مقابل تملك المنتج، فعلى سبيل المثال يدفع المستخدم ما مقداره ٣٠ ريال مقابل حصوله على حق الوصول لمكتبة أفلام نتفلكس لشهر كامل، قارن هذا بمبلغ ١٠ أو ١٥ ريال قيمة استئجار فلم واحد سابقا، و طبعا لا داعي للمقارنة مع قيمة شراء نسخة الفلم؛ مبلغ زهيد مقابل سهولة الوصول والاستخدام المفتوح.
٣) التوريد الجماعي (Crowd Sourcing)
أحد أبرز الإمكانيات التي أضافها الإنترنت لنا هي القدرة على بناء تجمعات بشرية تتخطى حاجز المكان، هذه التجمعات تظهر بالإنترنت بأشكال متعددة: نشرات بريدية و منتديات و مجموعات و شبكات اجتماعية و منصات متخصصة و مجموعات محادثة و هاشتاقات و عوالم افتراضية.
إمكانية تكوين المجتمعات بناء على حاجة أو رغبة مشتركة أو فائدة متبادلة أنتجت لنا نموذج التوريد الجماعي، ظهرت في بدايات الإنترنت بشكل المصادر المفتوحة ولكنها تطورت لتنتج لنا التمويل الجماعي، كأن يسعى رائد أعمال طموح لاقناع جمهوره بتمويل رأس مال مشروعه البالغ ٣٠٠ ألف بحد استثمار أدني يبلغ ٣٠ ريال، ففي هذه الحالة لن يحتاج إلا لإقناع ١٠ ألاف شخص لتجميع المبلغ المستهدف.
يبين لنا هذا النموذج قوة الجماهير عندما تتشارك وتنظم رغباتهم لتحقيق هدف ما، لذا نجد أن أكثر المستفيدين من هذا النموذج هم الجهات الخيرية والطامحون لتصنيع أو تنفيذ منتج ذا سوق متخصص (Niche market)، و ربما بسبب القوة الكبيرة لهذا النموذج نجد أنه يواجه أكبر العقبات القانونية – من بين باقي النماذج- سواء من ناحية حماية صغار المستثمرين أو الحماية ضد إشكاليات الاحتيال المحتملة.
٤) “مجاني كبداية” – فريميوم (Freemium)
من الممكن وصف هذا النموذج على أنه دمج بين نموذجي “المنتج كخدمة” والتمويل الجماعي، فالمنتج يُقدم مجانا في بداية الاستخدام ويتيح المجال بعد ذلك لشراء إضافات أو تحسينات أو إزالة الإعلانات أو تمديد فترة استخدام المنتج.
أكبر المستفيدون من هذا النموذج هم أصحاب المنتجات أو الخدمات المعدة للاستهلاك الواسع، كما يفعل مطورو تطبيقات وألعاب الجوال، فأحد أهم مزايا هذا النموذج أنه يزيل مخاوف المستخدمين عن اتخاذ قرار شراء لعبة أو تطبيق قبل تجربته والتأكد من جدواه.
سمح نموذج “المجاني كبداية” للجانب البشري خلف الشاشة للظهور على طبيعته، فالدفع ليس للحصول على فوائد حسية فحسب ولكن أيضا لإظهار التقدير والولاء والاهتمام وللتميز عن الآخرين، أحد أبرز الأمثلة على شركة نجحت بتطبيق هذا النموذج هي لعبة فورتنايت، فالشركة تتيح لأي أحد اللعب بشكل مجاني ومع ذلك تقدر أرباحها في ٢٠١٨ ب ٣ مليار دولار! لا تقدم اللعبة أي تحسين مدفوع للفوز أو التقدم في اللعبة فجميع التحسينات هي إما للتميّز بالشكل أو الشخصية أو الوصول لأقسام خاصة.
تحول الأعمال لم يتوقف هنا: الجوال والشبكات الاجتماعية تبعت واستمر التحول، وهذه بنكملها في مدونة مستقلة.
هل لديك تعليق أو إضافة على هذه المدونة أو أي مايتعلق بالتحول الرقمي؟ يسعدني أن أسمع منك @k_alharbi
دحرجة عظيمة!