كلام في ريادة الأعمال · الانتاجية والتحفيز

ترغب بأن تصبح مديراً لنفسك؟ هذه المدونة لك

مقدمة

ربما تنوي التركيز على مشروع خاص أو ربما العمل على مشروع جانبي خارج وقت العمل أو الدراسة، ربما أت الآن تخطط لهذا التغير من جميع النواحي المالية والاجتماعية و الوظيفية… اكتب لك هذه المدونة لألفت انتبهاك لأكثر الأمور التي أنت بحاجة لأن تأخذها بالحسبان ولكن كثيرا ماتسقط سهواً، هذه المدونة ذات أهمية خاصة لك إذا كنت حديث التخرج، وتحاول أن تقرر إن كنت تريد بدء مشروعك الخاص أو الالتحاق بوظيفة أولاً.

 

وسأبدأ بهذا السؤال: ماذا يعني أن تكون مدير نفسك؟

استطيع اختصار الجواب بكملة واحدة وهو: المرونة، وهذا بشمل المرونة في الوقت والمكان وأسلوب العمل والتعامل مع العملاء والمرونة بالتسعير والتحصيل… وكل هذا من الممكن أن يكون ايجابي أو سلبي عليك… لذا سأعيد السؤال: ماذا يعني أن تكون مدير نفسك؟ الجواب لا يتوقف على أن تكون مرنا ولكن إلى تبعات هذه المرونة في حياتك وعملك، فل نلقي نظرة أعمق:

 

أن تكون مدير نفسك يعني أن تكون عن مسؤولا عن وقتك

سواء كنت طالباً جامعية أو موظفاً فأنت مطالب بالحضور وملزم بمواعيد تسليم – باختلاف اشكالها – ولكن عندما تصبح مدير نفسك فأنت وحدك المسؤول عن وقتك، لذا سيكون السؤال: كيف سأتصرف بوقتي بما يعود علي بالفائدة؟  وهذا يعني أن عليك أن تدرك ماهي المهام المطلوب القيام بها ومن ثم كيف ترتبها حسب أولويتها.. وبعد ذلك تخصص الوقت الكافي لتنفيذها! عليك أيضا تخصيص وقت لمراجعة العمل ومراجعة أداءك ولا تنسى أيضا أنك تحتاج إلى وقت راحة ولا بد أن يأتي وقت في اليوم تتوقف به عن “وضع العمل”

هناك العديد من الأدوات المفيدة  والتي تساعدك على ترتيب أولوياتك و الإبقاء عليها مرتبة مثل مصفوفة الأولويات (ايزنهاور)، و نظام إنجاز الأشياء “GTD method” و نظام بوليت جيرنال “Bullet Journal”

 

أن تكون مدير نفسك يعني أن تكون منضبطاً

أخذ مسؤولية وقتك وترتيب أولوياتك كما يجب لا يعني أن هذه الأعمال ستتحول من تلقاء نفسها إلى نتائج؛ هنا يأتي دور الانضباط!

يجب أن تتعلم أولا الانضباط بوقت العمل! حتى وإن لم يكن عليك العمل من ٨ إلى ٤ فسيكون عليك أن تضع وقت – أو عدد – محدداً  للعمل وتلتزم بتخصيصه للعمل، أثناء هذا الوقت عليك أن تستحضر التركيز اللازم للعمل على المهام المحددة، فمن السهل جداً أن تشتت في مقال عابر أو حدث متداول وعاجل… أو في سلسلة لا منتهية من تصفح تطبيقات الشبكات الاجتماعية.

أحد أكثر الطرق فعالية في المحافظة على الانضباطية العالية هي أن تجرب وتختبر أساليب وطرق مختلفة حتى تستطيع بناء روتينك الخاص للعمل؛ طقوس ماقبل العمل، ترتيب مكتبك، الخلفية البيضاء، ساعات العمل، ومكان العمل.. مع الوقت والتجربة، ستجد أن أكثر الطرق انضباطية هي أقلها مرونة والسبب بسيط ولكنه ليس واضحاً: كل مازادت خياراتك في ترتيب روتينك اليومي كلما صعُب عليك القيام بها.

لمن يعمل على مشروع جانبي بعد – أو قبل – أوقات العمل فتحدي الانضباط أمامه مختلف، وأهمها هو تجاوز عقبة الإرهاق عند بداية فترة العمل   والدخول في دوامة التسويف، وهنا أيضا بناء روتين عمل صغير مع التفرغ التام وقت العمل سيساعدك على دف العجلة، التقدم والإنجاز هو ماسيبقى العجلة تتحرك.

هنا نقطة إضافية… إحدى أكثر التحديات المزعجة التي تواجه من يدير نفسه هي الضغوط لأن تكون “مرناً ” في مواعيدك وأوقات عملك ومرحك.. علي أن أحذرك من أن تستجيب لهذه الضغوط.. لأنها لن تنتهي أبداً وستكون دائما على حساب روتينك! عليك أن تتملك وقتك فأنت المسؤول الأول والوحيد عنه!

أن تكون مدير نفسك يعني أن تكون مسؤولا عن تحفيز ذاتك

فترات الاحباط في العمل تصيب الجميع… كما هو الاستيقاط من النوم والبدء بالتجهز ليومك، والمشاريع التي لا تنتهي أو التعامل مع عميل صعب لا يقدر عملك ولكنك بحاجة إليه! أو أن لا ترى النتائج التي ترغب بالوقت المتوقع… الخ كلها أمور تتغذى على محصلة التحفيز داخلك!

النتائج الدورية في الجامعة والنهايات القريبة (نهاية الفصل الدراسي/ نهاية السنة الدراسية) و حتى رهبة الاختبارات كلها تغذي التحفيز في الطالب، الشركات كذلك تستخدم مجموعة من الأدوات لبث التحفيز في موظفيها، كالعمل المشترك وتدوير الهمام و جوائز التقدير و المكافأت الإضافية والإجازات الإلزامية… الخ

ماذا عنك أنت كشخص يدير نفسه؟ عليك أن تصنع مجموعة الأدوات هذه لنفسك! وهذا يبدأ من فهم عميق لنفسك، لماذا قررت أن تكون مديرا لنفسك؟ لماذا هذا المشروع الجانبي؟ ماذا تطمح أن تصل إليه؟ ماهي أكبر مخاوفك وكيف تعمل على تحيدها؟ التركيز على النهايات القريبة – نهاية مشروع/ اطلاق تحديث/نشر اصدار/ إجازة قادمة – بدلا من النهايات البعيدة والمعقدة، لا تنسى كذلك أن تمنح نفسك وقت يومي وأسبوعي “خارج العمل” لا تنغمس كليا بالعمل وتنقطع عن عائلتك وأصدقائك المقرببين وعن هوايتك المحببة فهم أكبر مصادر تحفيزك.

 

أن تكون مدير نفسك يعني أن تتأقلم مع العمل في عزلة

أيا كان المكان الذي تعمل به؛ البيت أو مقهى أو مكتب مشترك أن تكون مدير نفسك يعني أنك ستواجه تحديات العمل لوحدك، ليس هناك موظف ذو خبرة سابقة تستطيع أن تطلب مشورته ولا يوجد من يتشارك معك أعباء المسؤولية. أنت تعمل لوحدك وعليك أن تتأقلم مع كل مايعنيه هذا.

نعم هناك طرق تمكنك من تخفيف من حدة العزلة، كأن يكون حولك أشخاص مألوفون يعملون على مشاريعهم مثلك في مكتب مشترك، أو أن يكون لديك شريك نشط بالمشروع أو أن تستخدم أدوات المراجعة الذاتية مثل الكتابة التأملية – Reflective writing – لتكون أكثر وعياً عما تشعر به وعما يجب عليك أن تستمر عليه ومايجب عليك تصحيحه بشكل دوري – أسبوعي / شهري-

أن تكون مدير نفسك يعني أن تكون مسؤولا عن تطوير ذاتك

أحد أكبر ايجابيات العمل في وظيفة هي الفرص المتعددة للتطوير، بداية بالاحتكاك مع اشخاص هم خبراء في المجال الذي تحاول العمل به وأيضا في المجالات المرتبطة به، فرص حضور دورات مدفوعة أو عالية التخصص وحتى فرص اكمال دراساتك العليا، أدرك أن الوضع ليس بهذه المثالية في الشركات ولكن كشخص يدير نفسه فجميع هذه الفرص غالبا لن تكون متاحة لك بالأساس!

هذا لن يعفيك من الحاجة إلى تحديث معلوماتك و تطوير مهاراتك بشكل مستمر، لذا فعليك تخصيص الوقت والميزانية اللازمة، هنا سيساعدك التخطيط المبكر كثيراً ؛ ماهي الدورات والمؤترات التي ترغب بحضورها؟ اشتريها مبكراً أو في وقت تخفيضات… استغل وخطط لأوقات ركود الأعمال – مثل الصيف والأعياد ونهاية السنة-  في الدراسة الذاتية والقراءة.. جرب واختبر حتى تطور أسلوبك الأكثر فعالية.

 

خاتمة:

أن تكون مديرا لنفسك يحررك من قيود العمل وحدود المسموح به وسياسات المكتب المزعجة ولكن عليك أن تكون مستعداً لمجموعة تحديات جديدة ومختلفة تضطرك إلى السير عكس المألوف، هذه التحديات ليست بواقعها الا مواجهة مع نفسك في معركة مستمرة لا ينهيها إلا المصالحة التامة مع الذات على أطراف منطقة الراحة، لذا كن مستعداً، كن مرناً لدجرجة عظيمة.